«تدويخ الحيوان» … إضرار بصحة الإنسان
تقرير: عبدالله راشد
الصعق الكهربائي ومسدس الطلقة المسترجعة والمسدس الصادم والمغطس المائي..وسائل تستخدمها الدول الغربية وبعض الدول الاسلامية في ذبح الحيوانات بطريقة تعرف بـ «التدويخ» وحذر المشاركون في مؤتمر الخليج الاول لصناعة الحلال وخدماته من ان هذه الطريقة تؤدي الى احتقان جزء من الدم في الذبيحة يضر بصحة المستهلكين.
وواصل المؤتمر الذي تنظمه وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية و هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فعالياته.
وفي جلسة ترأسها مدير إدارة الإفتاء تركي المطيري تناول الناشط في خدمات الحلال من المملكة المتحدة الدكتور عبدالمجيد القطمة بحثا بعنوان «واقع اللحوم المستوردة من الغرب إلى دول الشرق الأوسط والخليج العربي» قائلا : إن التدويخ طريقة شائعة ومستخدمة في اللحوم المستوردة والذبائح من الدول الغربية مثل أميركا والبرازيل واستراليا ونيوزيلندا وفرنسا والدنمارك وهولندا،بالإضافة إلى العديد من الدول الإسلامية مثل اندونيسيا و ماليزيا و تركيا، منبها انه لم ينص بوضوح على أن الحيوان غير مدوخ على سبيل ان يحمل العلامة التجارية الإسلامية لبنك دبي الإسلامي،فان اللحم من حيوان تم تدويخه ليس «طيبا».
و بدوره، قال الدكتور محمد فؤاد البرازيان قوانين الدول الأوروبية تفرض تدويخ الحيوان قبل ذبحه و تسري هذه القوانين على كافة الذبائح المصدرة إلى العالم الإسلامي ولا يستثنى من ذلك إلا ذبائح اليهود و كميات ضئيلة جدا تستوردها للاستهلاك المحلي المحدود من بعض الشركات الملتزمة الرافضة للصعق بكافة أنواعه كالتعاون الإسلامي في دبي الذي يستورد ذبائحه من بعض مجازر البرازيل،مشيرا الى استعمال طرق متنوعة لصعق الحيوانات تدويخها، أكثرها وأشهرها التدويخ الكهربائي و مسدس الطلقة المسترجعة و المسدس الصادم و المغطس المائي.
وبين البرازي أن مساوئ الصعق كثيرة (مهما كان خفيفا) لأنه يؤدي إلى موت كمية من الحيوانات قبل ذبحها لاسيما الدواجن، حيث تتفاوت هذه الكمية بحسب قوة الصعق الكهربائي و ضعفه من ناحية أو بحسب ضعف الحيوان و قوته من ناحية أخرى أو نتيجة وصوله إلى المجزرة مجهدا بعد رحلة طويلة بحيث لا يتحمل أي صدمة من ناحية ثالثة و يظهر هذا جليا في الدواجن أكثر من غيرها.
وأشار الى أن الصعق يقلل من استنزاف دم الحيوان فعند الصعق ينخفض الضغط و بعد الصعق تتدفق الدماء في الشرايين و بتأثير هذا التدفق على شعيرات منهكة من نقص الأكسجين تنفجر جدرانها مما يؤدي إلى احتقان جزء من الدم في الذبيحة يضر بصحة مستهلكي هذه اللحوم و يؤدي المسدس «الواقذ» إلى تلف المخ و بالتالي إلى شلل الحيوان كما يؤدي الصعق الكهربائي في بعض الحالات إلى شلل كامل مع وجود الوعي على حالته.
ومن جانبه، قال ممثل لجنة متابعة الحلال في المملكة المتحدة المفتي زبيربت ان عملية الذبح وفقا لمبادئ الدين من الطقوس التي تتطلب الاهتمام و العناية وفقا للهيئة العامة للفقهاء في الذبح المراقب من الضروري و الواجب أن يقوم الجزار «بالتسمية الواحدة» على كل حيوان من دون أي تأخير عندما يقوم بتحديد الحيوانات للذبح في الحالات التي يتم فيها ذبح أكثر من حيوان واحد في خطوة مفداة واحدة يكفي القيام بتسمية واحدة.
وبدوره، قال الدكتور في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الكويت محمد المطيران إن المنهج الإسلامي في التعامل مع النوازل والمستجدات : الأطعمة و الذبائح و الأدوية ومستحضرات التجميل يهدف إلى بيان المنهج الفقهي في التعامل و التركيز على النوازل المتعلقة بباب الأطعمة و هو الباب الذي شهد نوازل و مستجدات كثيرة لم تكن معروفة بأعينها في كتب الفقهاء المتقدمين.
وبين تحديد القواعد الرئيسية المتعلقة بباب الحلال و الحرام و التي يمكن حصرها بالقواعد التالية : الأصل في الأطعمة الحل و الإباحة و التحريم على خلاف الأصل في الذبائح التحريم ولا يحل منها شيء مع الشك و التردد أكل الحلال و تجنب الحرام له اثر حسن في علاقة الإنسان بربه و اثر ظاهر على صحة الإنسان و يمكننا تحقيق هذه القواعد المؤهلة بمراعاة أسس فقهية مهمة جدا فالفقه الإسلامي يجمع بين المرونة و الأصالة و يسعى لتحقيق مصالح الجميع دون طغيان مصلحة على أخرى.
واشار الدكتور في كلية أصول الدين في المملكة المغربية محمد حبيب التجكاني الى حكم استعمال المواد المحرمة في صناعة الحلال، مبينا انه نتيجة لتكريم الله تعالى للإنسان جعل غذاءه و دواءه و جميع ما يلزمه في الحياة فقط من الطيبات التي هي الحلال دون الخبائث التي هي المحرمات و جعل المحرمات قليلة مقارنة إلى الطيبات لما لها من تأثير سيئ على صحة الإنسان و علاقته بالخالق جل و علاه حيث يحرم أكل الخبائث من استجابة الدعاء و يؤثر الخبث على طبيعته و نفسيته فيكون جزاؤه العذاب في الآخرة.
أما الدكتور في كلية علوم و تقنية الغذاء بماليزيا ذو الكفل مات هاشم فقال: « إن مفهوم الحلال يشمل السلامة و النزاهة في كافة مراحل سلسلة التجارة الدولية، و ان الممارسة الحالية لمتابعة شهادة الحلال هو فقط الاعتماد على مسار الوثائق و المتابعة لا تكون كاملة في حال عدم وجود الوسائل المستقلة للتحقق من المصدر البيولوجي للمنتجات الغذائية باستخدام التقنيات التحليلية و هناك فقط القليل من المختبرات في جميع إنحاء العالم تقوم حاليا بتطوير ادوات القياس و تقنيات التحليل لمصادقة الحلال».
وكان المؤتمر قد شهد في جلسة مساء اول امس مناقشات من عدة دول شملت صناعة الحلال و معاييره الدولية بدأها أستاذ الدراسات العليا و الإسلامية من المملكة العربية السعودية الدكتور ناصر الميمان بقوله : «إن ذبح الحيوان في شرعنا ليس من الأمور العادية التي يتصرف فيها الإنسان كيفما يشاء و أنما هو من الأمور التعبدية التي يجب على المسلم اتباع أحكامها و هناك أمور استجدت في أمور الذبائح يجب بيان حكمها الشرعي و احد هذه المستجدات هي عملية تدويخ الحيوان قبل ذبحه و له طرق متعددة».
وبدوره، أوضح المحامي في الولايات المتحدة الاميركية جون بو ينتيغ ان الحلال المفهوم الأساسي لقانون الغذاء الإسلامي ومع ذلك لا يمكن للمجتمع الإسلامي الاتفاق على ما يستلزم الأمر، مشيرا الى ان مسألة القيام بتدويخ الحيوان قبل الذبح سواء ينبغي السماح أو تهدئته ليس سوى جانب واحد من هذه المسألة إن المسألة الأكبر هي أن يكون الغذاء «طيباً» أو كليا و هو الشرط الذي يعني ضمنا ان الأطعمة السريعة عديمة القيمة الغذائية المتوافرة على نطاق واسع و يتم الترويج لها من قبل شركات الأغذية العالمية وينبغي الإعلان عنها.
وبين ان أوروبا تقوم ببيع اللحوم على أنها حلال في المحال و المخازن و يتم تجهيزها في المطاعم التي غالبا ما يتم الحصول عليها من مصادر مشكوك فيها أو مشبوهة و ربما تكون ذات نوعية سيئة و قد تكون مذبوحة بصورة غير قانونية في حالات غير صحية و مخالفة للأنظمة و اللوائح و المعايير المنصوص عليها من قبل السلطات الحكومية في الدولة