هل استقبال القبلة عند الذبح واجب، وما رأي الأئمة الأربعة، هل تجب عند إمام دون الآخر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاستقبال القبلة عند الذبح ليس بواجب ولا شرط وقد نص الفقهاء على الاستحباب، كالحنفية كما في بدائع الصنائع حيث نص الكاساني على استحبابه، والمواق في شرحه على خليل من المالكية، والبهوتي في منتهى الإرادات من الحنابلة، والنووي في المجموع،ولا شيء على من لم يفعل ذلك، قال الشافعي كما في مختصر المزنى: وأحب أن يوجه الذبيحة إلى القبلة. وفي الأم: وإن أخطأ أو نسي فلا شيء عليه إن شاء الله.
والله أعلم.
السؤال: إذا أراد الرجل ذبح دجاجة فهل يلزمه توجيهها للقبلة أو يذبحها على أي شكل كانت ؟ .
الجواب :
الحمد لله
السنة في الذبح توجيه الذبيحة إلى القبلة ، وليس ذلك بلازم ، فلو ذبحها إلى جهة أخرى حلت الذبيحة ، لكن يكون تاركا للسنة .
روى أحمد (15022 ) وأبو داود (2795) وابن ماجه (3121) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، بِاسْمِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَبَحَ).
والحديث إسناده محتمل للتحسين كما قال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (21/196) في بيان آداب الذبح : ” أن يكون الذابح مستقبل القبلة ، والذبيحة موجهة إلى القبلة بمذبحها لا بوجهها إذ هي جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنه ؛ ولأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكره أن يأكل ذبيحة لغير القبلة ، ولا مخالف له من الصحابة ، وصح ذلك عن ابن سيرين وجابر بن زيد”انتهى . وينظر : “المغني” (3/221).
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (22/477) فيمن ذبح إلى غير القبلة وزعم أن استقبال القبلة إنما يكون عند ذبح الهدي خاصة :
“إذا كان الواقع من الذبح كما ذكرت فالذبح صحيح مجزئ في حل الأكل من الذبيحة ، لكن الذابح خالف السنة بتركه استقبال جهة القبلة بالذبيحة حين ذبحها ، وأساء بعدم قبوله النصيحة ، وأخطأ في دعواه أن استقبال القبلة حين الذبح خاص بالهدي ؛ لأن السنة استقبال القبلة بالذبيحة حين الذبح مطلقا سواء كانت هديا أم أضحية أم غير ذلك” انتهى .
وجاء فيها أيضاً (1/67) : “ويستحب أن يتوجه الذابح إلى القبلة ، ويوجه الذبيحة كذلك إلى القبلة ؛ لأنها أشرف الجهات ، ولأن الاستقبال مستحب في القربات ، إلا ما دل الدليل على خلافه ، ويتأكد الاستحباب إذا كانت الذبيحة هديا أو أضحية ، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ضحوا وطيبوا بها أنفسكم ، فإنه ليس من مسلم يوجه ضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة) . وكان يقول : (أنفقوا قليلا تؤجروا كثيرا) الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه وأخرج الترمذي وابن ماجه والبيهقي نحوه ، والحديث وإن تكلم فيه أئمة الحديث بضعف إسناده ، فإنه يعمل به في فضائل الأعمال ، ويعضد ما ذكر ، ولذلك كان ابن عمر وابن سيرين يكرهان الأكل من الذبيحة توجه لغير القبلة ، وإن اقتصر على التسمية ووجه الذبيحة إلى غير القبلة ترك الأفضل وأجزأه ، وبهذا قال القاسم بن محمد والنخعي والثوري وابن المنذر وغيرهم” انتهى .
والله أعلم .